sweet.directory
(التاسع): عدم الاحتياج إلى الحيثية، أي: التعليل، وقولهم يحتاج إليها. (العاشر): تعريف القصاص بلام الجنس الدالة على حقيقة هذا الحكم المشتملة على الضرب والجرح والقتل وغير ذلك، وقولهم لا يشمله. (الحادي عشر): خلوه من (أَفعل) الموهم أن في الترك نفياً للقتل أيضاً. (الثاني عشر): اشتماله على ما يصلح للقتال، وهو الحياة بخلاف قولهم؛ فإنه يشتمل على نفي اكتنفه قتلان وأنه لَمِمَّا يليق بهم. (الثالث عشر): خلوه مما يوهمه ظاهر قولهم من كون الشيء سبباً لانتفاء نفسه، وهو محال... إلى غير ذلك. فسبحان من علت كلمته وبهرت آيته. أ. هـ. ___________________________________________ 1 - (تفسير المنار) (2/130) ط. دار المنار. 9 0 17, 219
فهم يحاولون أن يَطمِسوا آثار الجريمة، وأن يحموا المجرم وهم يعرفون جُرْمه، فلا تناله يد القانون الظالم في شرْعهم، لينالوه بأيديهم، ثم تتسلسل الجرائم هكذا دواليك، وكثيرًا ما يُخطئون تقدير أدلَّة الإجرام، وهم عامة أو أشباه عامة، فينالون غير قاتِلهم، بما جنى عليه وعليهم هذا القانون. ولو أننا حكَّمنا شريعتنا، وأطعنا ربَّنا، وأعطينا الدماء حقها وحرمتها، فوضعنا القِصاص موضِعه، وتركنا في جريمة القتل العمد الشروط التي ليست في كتاب الله، وما يُسمَّى الظروف المخفَّفة، وتركنا هذه الإجراءات المطوَّلة المعقَّدة، وأسرعنا في إقامة العدل وأظهرنا منه موضع العِبرة والموعظة، لو فعلنا هدا لنقصت جرائم القتل نقصًا بيِّنًا، لما يعلم القاتل أن يد الشرع لا تُفلِته [11]. [1] هذا ديننا، ص: 171 بتصرف. [2] أخرَجه الترمذي، كتاب البر والصلة، باب ما جاء في التواضُع، (8: 184)، وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وأخرجه الدَّارِمي: كتاب الزكاة، باب فضل الصدقة، (1: 396)، وأحمد (2: 386). [3] هذا ديننا ص: 171- 173 بتصرف، والحدود في الإسلام ص: 35 - 40 بتصرف. [4] الإسلام يتحدى 149، 150. [5] سبق تخريجه. [6] الإسلام والسياسة، بحث في أصول النظرية السياسية ونظام الحكم في الإسلام؛ تأليف د/ حسين فوزي النجار، ص: 108 بتصرف، ط دار الشعب عام 1977 م.
تاريخ الإضافة: 25/1/2017 ميلادي - 27/4/1438 هجري الزيارات: 211763 ♦ الآية: ﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾. ♦ السورة ورقم الآية: سورة البقرة (179). ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ ولكم في القصاص حياة ﴾ أَيْ: في إثباته حياةٌ وذلك أنَّ القاتل إذا قُتل ارتدع عن القتل كلُّ مَنْ يهمُّ بالقتل فكان القصاص سبباً لحياة الذي يُهَمُّ بقتله ولحياة الهامِّ أيضاً لأنه إنْ قَتلَ قُتل ﴿ يا أولي الألباب ﴾ يا ذوي العقول ﴿ لعلكم تتقون ﴾ إراقة الدِّماء مخافة القصاص.
تعريف القصاص القصاص لغة مأخوذ من القص وهو القطع ، أو من اقتصاص الأثر والقصاصاء: القود وهو القتل بالقتل أو الجرح بالجرح ، والتقاص التناصف في القصاص وهو أيضًا بمعنى أخذ الحساب. أما معنى القصاص اصطلاحًا ، لم يذكر فقهاء المذاهب الإسلامية الأربع رحمهم الله تعريف بعينة للقصاص ولكن غلب لفظ القود عليه عندهم ، ويتضح ذلك من خلال أقوالهم: -الحنفية: قال القصاص بمعنى القود بفتح الواو. -المالكية: قال الإمام مالك رحمه الله ليس بين الحر والعبد قود في شيء من الجراح والعبد يقتل الحر إذا قتله عمدًا ولا يقتل الحر بالعبد إذا قتله عمدًا. – الشافعي: قال من لا يقاد بغيره في النفس لا يقاد به فيما دون النفس ومن اقتيد بغيره به فيما دون النفس ، لأن ما دون النفس كالنفس في وجوب القصاص ، وإن كانت الجناية موضحة وجب القصاص بقدرها طولًا عرضًا والقصاص هو المماثلة ولا قصاص في كسر العظام لعدم الوثوق من المماثلة فيه إلا سنا أمكن فيها ، بأن تنشر بمنشار بقول أهل الخبرة ففي كسرها القود. -الحنابلة: قال أن شروط وجود القصاص أي القود الأربع. بذلك اتفق الأئمة الأربع على أن القصاص هو القود وهو استيفاء صاحب الحق من المعتدي سواء بالقتل أو بالجرح ، وقال الإمام الطبري المعنى الشرعي للقصاص أن يفعل بالجاني مثل ما فعل.
ونحن، حين نستنكر أيّ دعوة إلى إلغاء عقوبة الإعدام، فلأنّ الأمر هنا يتعلّق بحكم شرعه الله، بنصّ القرآن؛ ولا اجتهادَ مع النصّ. نحن المسلمين نؤمن بأنّ الله أوجب حفظ الحياة، وحرّم التعدّي عليها، بأيّ شكل من الأشكال؛ وشرع ما يزجر المعتدي عن اعتدائه؛ ففرض القصاص، وهو تشريعٌ لا يهدف إلى الانتقام من القاتل، وإنما يهدف، أوّلا وبالذات، إلى تحصين حياة الناس، وحفظ أرواحهم، وتحقيق أمنهم. وهنا يجدر التذكيرُ بأنّ قيمة الحياة البشرية قيمة واحدة، والتعدّي على حياة شخص واحد يعتبر في شرع الله تعدّيا على الحياة كلّها. يقول الله تعالى: {.. مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً.. } المائدة/32. فإذا كان القاتل لنفس واحدة متعدّيا على البشر جميعا فإنّ الّذي أحيا نفسا بشرية واحدة، وحماها ممّا يهدّدها، هو صديق الحياة البشرية كلّها. وخلاصة القول: إنّ شعبنا يريد أن تمتدّ يد الإصلاح لكي تمحو آثار الفساد، وتطهّر الأرض من أشواك الجاهلين، وانحرافات المفسدين. وإنّ هذه الآفات والانحرافات، يجب أن يعجّل بدرء خطرها أولياءُ الأمور؛ فهم القادرون على إيقاف هذا الزحف الهائل من الجرائم، الّتي تعرّض الأمّة كلّها لمزيد من المخاطر.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على الصادق الأمين، نبينا محمد الذي أرسله ربه رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد: أمر الله عز وجل بعبادته وطاعته، وفِعْل ما أمر به، واجتناب ما نهى عنه، وحد حدوداً لمصالح عباده، ووعد من أطاعه بالسعادة في الدنيا، وبالجنة في الآخرة، وتوعد من عصاه بالشقاء في الدنيا، وبالنار في الآخرة. فمن أذنب فقد فتح الله له باب التوبة والاستغفار، ومن أصر على معصية الله، وتجاوز حدوده بالتعدي على أعراض الناس وأموالهم وأنفسهم، فهذا لابد من كبح جماحه بإقامة حدود الله التي تردعه وتردع غيره، وتحفظ الأمة من الشر والفساد في الأرض، والحدود كلها رحمة من الله، ونعمة على الجميع. فهي للمحدود طهرة من إثم المعصية، وكفارة عن عقابها الأخروي، وهي له ولغيره رادعة عن الوقوع في المعاصي، وهي ضمان وأمان للأمة على دمائهم وأموالهم وأعراضهم، وبإقامتها يصلح الكون، ويسود الأمن والعدل، وتحصل الطمأنينة. قال الله تعالى: قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى سورة طه، الآيات 123-127.
وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصّامِتِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أَخَذَ عَلَيْنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم كَمَا أَخَذَ عَلَى النّسَاءِ: «أَنْ لاَ نُشْرِكَ بِالله شَيْئاً، وَلاَ نَسْرِقَ، وَلاَ نَزْنِيَ، وَلاَ نَقْتُلَ أَوْلاَدَنَا، وَلاَ يَعْضَهَ بَعْضُنَا بَعْضاً». فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى الله، وَمَنْ أَتَى مِنْكُمْ حَدّاً فَأُقِيمَ عَلَيْهِ فَهُوَ كَفّارَتُهُ، وَمَنْ سَتَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ فَأَمْرُهُ إلَى الله، إنْ شَاءَ عَذّبَهُ، وَإنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ. متفق عليه. ولتعلم أخي القارئ الكريم أن هناك فرقا بين القصاص والحدود: القصاص: هو حق للمجني عليه إن كان حياً أو لأوليائه من بعده، ويحقق الحاكم طلبهم، وقد يعفى عنه إلى بدل كالدية، أو يعفى عنه بلا مقابل؛ لأنه حق للآدمي. أما الحدود: فهي حق من حقوق الله سبحانه وتعالى فأمرها إلى الحاكم، فلا يجوز إسقاطها بعد أن تصل إليه، ولا تجوز الشفاعة فيها مطلقاً، لا بعوض ولا بدون عوض. وللشريعة الإسلامية أهداف في هذه الحدود لتحقق ما يلي: ردع الناس، وزجرهم عن اقتراف الجرائم، وعدم تكرار الجريمة مرة أخرى، ومنع وقوعها، ومنع المفسدة، وتهذيب وإصلاح الجاني بدون تعذيب، وعدم إشاعة الفاحشة، وقطع دابر الجريمة، وعدم التعدي وأخذ الثأر، وإطفاء نار الحقد والغل لدى المعتدى عليه، وحصول الأمن، وتحقيق العدل بين الناس في حياتهم.
ونظرًا لأن الحدود عقوبات شديدة فقد احتاط الشارِع على المتهم، وخرج بذلك على قواعده العامة في الإثبات، ووضَع قاعدة رئيسية هامة هي درء الحدود بالشبهات، الحديث: ((ادرؤوا الحدود على المسلمين ما استطعتم، فإن وجدتم للمسلم مخرجًا فخلُّوا سبيله، فإن الإمام لأن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة)) [8]. ولكن الشبهة لا تُسقِط التعزيرَ، وإن كانت تُسقِط الكفارة كمن جامَع ناسيًا في نهار رمضان [9]. "إن الحدود في الإسلام موانعُ قبل الفعل، زواجِر بعده؛ أي: العلم بشرعيَّتها يمنع الإقدام على الفعل، وإيقاعها بعده يمنع من العَوْد إليه، وقد شُرِعت لمصلحة تعود إلى كافة الناس؛ من صيانة الإنسان والأموال والعقول والأعراض، وللانزجار عما يتضرَّر به العباد من أنواع الفساد، وهو وجه تسميتها حدودًا [10].
2625- حدثت عن يعلى بن عبيد قال، حدثنا إسماعيل, عن أبي صالح في قوله: " ولكم في القصاص حياة " قال، بقاء. * * * وقال آخرون: معنى ذلك: ولكم في القصاص من القاتل بقاء لغيره، لأنه لا يقتل بالمقتول غيرُ قاتله في حكم الله. وكانوا في الجاهلية يقتلون بالأنثى الذكر, وبالعبد الحرّ. * ذكر من قال ذلك: 2626- حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " ولكم في القصاص حياة " ، يقول: بقاء, لا يقتل إلا القاتل بجنايته. * * * وأما تأويل قوله: " يا أولي الألباب " ، فإنه: يا أولي العقول. " والألباب " جمع " اللب ", و " اللب " العقل. * * * وخص الله تعالى ذكره بالخطاب أهلَ العقول, لأنهم هم الذين يعقلون عن الله أمره ونهيه، ويتدبّرون آياته وحججه دونَ غيرهم. * * * القول في تأويل قوله تعالى: لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179) قال أبو جعفر: وتأويل قوله: " لعلكم تتقون " ، أي تتقون القصاص، فتنتَهون عن القتل، كما:- 269- حدثني به يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " لعلكم تتقون " قال، لعلك تَتقي أن تقتله، فتقتل به. --------------------- الهوامش: (70) قدعه يقدعه قدعًا: كفه. ومنه: "اقدعوا هذه الأنفس فإنها طلعة" ، أي كفوها عما تشتهي وتريد.