sweet.directory
فقالت: كُفّي صوتك يا سكينة، فقد أقرحت كبدي وقطعّت نياط قلبي ، هذا قميص أبيك الحسين معي ، لا يفارقني حتى ألقى الله به ، ثم انتبهت وأردت كتمان ذلك المنام وحدثت به أهلي فشاع بين الناس. رسالة الإمام الحسين (عليه السّلام): واعتنقت سكينة جسد أبيها الحسين (عليه السّلام) فكانت تحدّث: أنّها سمعته يقول: شيعتي ما إن شربتم عذب ماء فاذكروني أو سمعتم بغريبٍ أو شهيد فاندبوني ولم يستطع أحدنا ينحيّها عنه ، حتّى اجتمع عليها عدّة وجرّوها بالقهر. مناقضات: هكذا رأيت يزيد لمّا أدخل نساء الحسين على يزيد بن معاوية صاحت نساء آل يزيد ، وبنات معاوية ، وأهله ، وولولن وأقمن المأتم ، ووضع رأس الحسين (عليه السّلام) بين يديه ، فقالت سكينة: ما رأيت أقسى قلباً من يزيد ، ولا رأيت كافراً ولا مشركاً شراً منه ، ولا أجفى منه ، وأقبل يقول وينظر إلى الرأس. ليت أشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الأسل متفرقات: ردّنا إلى حرم جدّنا وفي بعض الكتب أن ّ الحسين لمّا نظر إلى اثنين وسبعين رجلاً من أهل بيته صرعى ، التفت إلى الخيمة ونادى: يا سكينة، يا فاطمة، يا زينب، يا أم ّ كلثوم، عليكن ّ منّي السّلام فنادته سكينة: يا أبة، استسلّمت للموت؟ فقال: كيف لا يستسلّم من لا ناصر له ولا معين؟ فقالت: يا أبة، ردّنا إلى حرم جدّنا فقال: هيهات لو ترك القطا لنام ، فتصارخن النّساء فسكتهنّ الحسين ، وحمل على القوم.
نجب من نور: رأت سكينة في منامها وهي بدمشق كأن ّ خمسة نجب من نور قد أقبلت ، وعلى كل نجيب شيخ ، والملائكة محدقة بهم ، ومعهم وصيف يمشي ، فمضى النجب وأقبل الوصيف إلي وقرب مني وقال: يا سكينة، إن ّ جدَّك يسلّم عليك فقلت: و على رسول الله السّلام يا رسول الله! من أنت؟ قال: وصيف من وصائف الجنّة. فقلت: من هؤلاء المشيخة الذين جاؤوا على النجب؟ قال الأو ّ ل آدم صفوة الله ، والثاني إبراهيم خليل الله ، والثالث موسى كليم ، الله والرابع عيسى روح الله. فقلت: من هذا القابض على لحيته يسقط مرّة ويقوم أخرى؟ فقال: جدَّك رسول الله (صلّى الله عليه وآله). فقلت: وأين هم قاصدون؟ قال: إلى أبيك الحسين ، فأقبلت أسعى في طلبه لأعرّفه ما صنع بنا الظالمون بعده ، فبينما أنا كذلك إذ أقبلت خمسة هوادج من نور ، في كل هودج امرأة فقلت: من هذه النّسوة المقبلات؟. قال: الأولى حوّاء أم البشر ، والثّانية آسية بنت مزاحم ، والثالثة مريم بنت عمران ، والرابعة خديجة بنت خويلد. فقلت: من الخامسة الواضعة يدها على رأسها ، تسقط مرّة ، وتقوم مرّة ، وتقوم أخرى؟ فقال: جدّتك فاطمة بنت محمّد (صلّى الله عليه وآله) أم ّ أبيك. فقلت: والله، لأخبرنّها ما صنع بنا فلحقتها ، ووقفت بين يديها أبكي ، وأقول: يا أُمتَّاه، جحدوا والله، حقنا يا أُمتَّاه، بددوا والله، شملنا يا أُمتَّاه، استباحوا والله، حريمنا يا أُمتَّاه، قتلوا والله، الحسين أبانا.
وهذه الحكاية وغن كانت دخيلة ليست مما نحن فيه لكن حديث عروة ساقها. ولبعض المعاصرين وهو محمد بن إدريت المعروف بمرج كحل الأندلسي في معنى هذين البيتين، وأحسن فيه: مثل الرزق الذي تطلـبـه مثل الظل الذي يمشي معك أنت لا تدركه مـتـبـعـاً فإذا وليت عنه تـبـعـك وكان وفاة سكينة بالمدينة يوم الخميس لخمس خلون من شهر ربيع الأول سنة سبع عشرة ومائة، رضي الله عنهما؛ وقيل اسمها آمنة، وقيل أمينة، وقيل أميمة، وسكينة لقب لقبتها به أمها الرباب ابنة امرئ القيس بن عدي. وقال محمد بن السائب الكلبي النسابة: سألني عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم عن اسم سكينة ابنة الحسين بن علي رضي الله عنهم، فقلت: أميمة، فقال: أصبت.
كتب وجدي نعمان سيطول بعدي يا سكينة فاعلمي منك البكاء إذا الحمام دهاني لا تحرقي قلبي بدمعك حسرة ما دام مني الروح في جثماني فإذا قتلت فأنت أولى بالذي تأتينه يا خيرة النسوان نشأت السيدة سكينة وتربت في البيت النبوي في أحضان والدتها الرباب وأبيها الحسين بن علي فتشربت مبدئيات وأخلاقيات الرساليات الداعيات من بيت النبوة محتذية بقدوة النساء جدتها فاطمة الزهراء بنت النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) وعمتها السيدة زينب بنت علي، ومما جاء في فضلها ومكانتها أن أباها الإمام الحسين كان يحبها ويُسرُّ لرؤيتها. السيدة سكينة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب -رضى الله عنهم-، وأمها الرباب بنت امرئ القيس بن عدي بن أوس. وُلدت سنة سبع وأربعين من الهجرة وسُمِّيت آمنة على اسم جدتها آمنة بنت وهب، ولقبتها أمها الرباب سُكَيْنَة، واشتهرت بهذا الاسم، وفي الثلث الأخير من حياتها اشتغلت بتعليم المسلمين، حيث شربت من بيت النبوة أفضل الأخلاق فوُصِفَتْ بالكرم والجود، وأحبت سماع الشعر فكان لها فى ميادين العلم والفقه والمعرفة والأدب شأن كبير. جاء أهل الكوفة يعزُّونها فى مقتل زوجها، فقالت لهم: اللَّه يعلم أني أبغضكم، قتلتم جدّي عليَّا، وقتلتم أبي الحسين، وزوجي مصعبًا فبأي وجه تلقونني؟ يتَّمتُمُوني صغيرة، وأرملتُمُوني كبيرة.
استشهد يوم الطف قبل القاسم، ومن هؤلاء الأعلام النسابة ابو الحسن العمري في القرن السادس في كتابه (المجدي) وابو علي الطبرسي صاحب مجمعالبيان في اعلام الورى ص 127 عند ذكر اولاد الحسن، والشيخ محمد الصبان في اسعاف الراغبين على هامش نور الابصار ص 202، وروى الشيخ عباس القمي في سفينة البحار عن اعلام الورى في ذكر اولاد الحسين بن علي (ع): وكان عبد الله بن الحسن قد زوجه الحسين ابنته سكينة فقتل قبل أن يبنى بها. بعض ما جاء في فضلها روى ابن الفرج ان سكينة بنت الحسين (ع) كانت في مأتم فيه بنت لعثمان فقالت بنت عثمان: أنا بنت الشهيد، فسكتت سكينة فقال المؤذن: أشهد أن محمداً رسول الله. قالت سكينة هذا أبي او أبوك، فقالت العثمانية: لا أفخر عليكم أبداً. وروى سبط ابن الجوزي عن سفيان الثوري قال: أراد علي بن الحسين الخروج الى الحج او العمرة فاتخذت له اخته سكينة بنت الحسين سفرة طعام أنفقت عليها الف درهم وأرسلت بها اليه، فلما كان بظهر الحرّة أمر بها ففرقت في الفقراء والمساكين. وفي تاريخ ابن خلكان: ان سكينة سيدة نساء عصرها. وقال مؤرخ دمشق شمس الدين محمد بن طولون في كتابه (الأئمة الاثنا عشر) قدمت سكينة دمشق مع اهلها ثم خرجت الى المدينة.
وان لعمر بن أبي ربيعة شعراً كثيراً في (سعدى) يورده صاحب الاغاني، ثم روى ايضاً عن حماد بن اسحاق الموصلي ومعجم الادباء وشارح ديوان عمر بن أبي ربيعة وكلها تؤيد ما يقول وتصرح بأن هذا الشعر ليس في سكينة، وان هذه الرواية المدسوسة التي يرويها القالي عن استاذه الزجاج وهذا عن شيخه المبرد رواها عن القصاصين والمغنين الذين عاشوا على موائد البلاط الأموي. قال: وهناك أهم من هذا كله - وهو العنصر السياسي فانه كان العامل المهم في هذا التغيير خاصة اذا ما علمنا ان الشيخ القالي اموي الفكرة وان جده سلمان كان مولى الى عبد الملك بن مروان، وقد عاش بقية حياته في كنف الخليفة الاموي عبد الرحمن الناصر وابنه الحكم في الاندلس، وكان من مقتضى السياسة الاموية في الشرق والغرب ومن مصلحتها أن تذيع هذه القصيدة وامثالها على لسان المغنين والمغنيات والقصاصين باسم (سكينة) بنت الحسين، ومما يؤيد ذلك استنكار الرشيد وغضبه على اسحاق الموصلي عندما غنى بين يديه بما حفظه عن المغنين: قالت سكينة والدموع ذوارف، وقوله: الا تتحفظ في غنائك وتدري ما يخرج من رأسك انتهى 1. ويأتي سؤال هل تزوجت سكينة بن الحسين؟ وبمن تزوجت؟ نقول أن علماء النسب والتاريخ يذكرون ان سكينة تزوجت بعبد الله الاكبر بن الإمام الحسن السبط وهو أخو القاسم، وامهما رملة.
ودارت الأيام، وعادت سكينة إلى الحجاز حيث أقامت مع أمها رباب فى المدينة. ولم يمض وقت طويل حتى توفيت "الرباب"، وعاشت سكينة بعدها فى كنف أخيها زين العابدين، وكانت قد خُطبت من قبل إلى ابن عمها عبد الله بن الحسن بن علي فقتل بالطائف قبل أن يبني بها، فكانت -رضى اللَّه عنها- ترفض الزواج بعد هذه الأحداث، ولما جاء مصعب بن الزبير يريد الزواج منها تزوجته، وكان شجاعًا جوادًا ذا مال ومروءة حتى قِيلَ فيه: "لو أنَّ مصعب بن الزبير وجد أنَّ الماء ينقص من مروءته ما شربه". وانتقلت سكينة إلى بيت مصعب وكان متزوجًا من عائشة بنت طلحة، وظلت سكينة تسعد زوجها، ولكن أين تذهب من قدرها المحتوم، فسرعان ما قُتِلَ مصعب، ثم تزوجت عبد اللَّه بن عثمان بن حكيم بن حزام، وأنجبت منه: عثمان، وحكيم، وربيعة، ثم مات عنها بعد ذلك، واستقر بها المقام فى المدينة حيث يسجى جدها المصطفى صلى الله عليه وسلم. وقد تُوفيت السيدة سُكينة سنة 117هـ، بعد أن تجاوزتْ الثمانين من عمرها، فرضى الله عنها وأرضاها. ورد في كتاب "سير أعلام النبلاء" للذهبي: " بنت الحسين الشهيد روت عن أبيها وكانت بديعة الجمال تزوجها ابن عمها عبد الله بن الحسن الأكبر فقتل مع أبيها قبل الدخول بها ثم تزوجها مصعب أمير العراق ثم تزوجت بغير واحد وكانت شهمة مهيبة دخلت على هشام الخليفة فسلبته عمامته ومطرفه ومنطقته فأعطاها ذلك ولها نظم جيد.
(2) أمّا اُمّها وأم أخيها عبد الله الرضيع المذبوح يوم الطف فهي السيدة: الرباب بنت امرئ القيس بن عدي القضاعي. وقد تزوجت السيدة سكينة من ابن عمها عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) المعروف بـ (الأكبر)، وهو أخو القاسم الشهيد يوم الطف, وأمهما رملة, ولم تتزوج من غيره لا قبله ولا بعده. وقد رُوي إن سَكينة هو لقبها لا اسمها وإن اسمها هو: آمنة (3) وقد اعتمد هذا القول الشيخ عباس القمي حيث قال: إن اسمها آمنة وقيل أمينة, وإنما أمها الرباب لقبتها بسكينة (4) وقد نقل القمي قوله هذا عن ابن خلكان في ترجمتها (5) كما قال بذلك ابن العماد الحنبلي (6) والشبلنجي (7), وأعتمد هذا الرأي السيد المحقق عبد الرزاق المقرم (8) والسيد محسن الأمين (9). وعلق الشيخ عباس القمي على ذلك بالقول: ويظهر أن أمها إنما أعطتها هذا اللقب لسكونها وهدوئها. وعلى ذلك فالمناسب فتح السين المهملة وكسر الكاف التي بعدها، لا كما يجري على الألسن من ضم السين وفتح الكاف. (10) وورد أن الإمام الحسين خاطبها في يوم عاشوراء بقوله: سيطولُ بعدي يا سكينة فاعلمي منكِ البكــاءُ إذا الحِمامُ دهاني لا تحرقي قلبي بدمـــعكِ حسرةً ما دامَ منِّي الروحُ في جثماني فإذا قتــــــلتُ فأنتِ أولى بالذي تأتيـــــــنه يا (خيرة النسوان) وهذه الأبيات تبين منزلتها السامية في الفضيلة والرفعة بين نساء أهل زمانها حين وصفها (عليه السلام) بـ (خيرة النسوان) كما تعطي صورة واضحة وجليّة عن مكانة السيدة سكينة العظيمة في نفس أبيها.